[size=12]الرومانسية
أو الرومنطقية حركة فنية وثقافية في تاريخ الأفكار نشأت في أواخر القرن
الثامن عشر في أوربا الغربية. و شددت على العواطف القوية التي قد تتضمن
الهلع والرهبة و الرعبَ كتجارب جمالية - و الخيال الفردي **لطة ناقدة ،
مما سمح بالتحرر من الأفكارِ الكلاسيكيةِ حول الشكل الفني، وإنقلاب
الأعراف الإجتماعية السابقة، خصوصاً من موقع الأرستقراطية.
لا يخفى وجود عنصر قوي مِنْ الحتميةِ التاريخيةِ والطبيعيةِ في أفكارِ هذه
الحركة، كالتأكيد على أهمية "الطبيعة" في الفنّ واللغة. الرومانسية مشهورة
أيضا بتعظيمها إنجازات من تصفهم كأبطال و فنانين غير اعتياديين . تلت
الرومانسية عصر التنوير مستلهمة فترة الثورة ضدّ المعاييرِ الإجتماعية
والسياسية الأرستوقراطية التي كانت سائدة في الفترة السابقة، و كانت تعتبر
نفسها إحدى إنجازات عصر التنوير و تحققا لوعوده .
الرومانسية أو الرومانتيكية مذهب أدبي يهتم بالنفس الإنسانية وما تزخر به
من عواطف ومشاعر وأخيلة أياً كانت طبيعة صاحبها مؤمناً أو ملحداً، مع فصل
الأدب عن الأخلاق. ولذا يتصف هذا المذهب بالسهولة في التعبير والتفكير،
وإطلاق النفس على سجيّتها، والاستجابة لأهوائها. وهو مذهب متحرر من قيود
العقل والواقعية اللذين نجدهما لدى المذهب الكلاسيكي الأدبي، وقد زخرت
بتيارات لا دينية وغير أخلاقية.
يحتوي هذا المذهب على جميع تيارات الفكر التي سادت في أوروبا في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي وأوائل القرن التاسع عشر.
والرومانسية أصل كلمتها من : رومانس Romance باللغة الإنجليزية ومعناها
قصة أو رواية تتضمن مغامرات عاطفية وخيالية ولا تخضع للرغبة العقلية
المتجردة ولا تعتمد الأسلوب الكلاسيكي المتأنق وتعظم الخيال المجنح وتسعى
للانطلاق والهروب من الواقع المرير، ولهذا يقول بول فاليري: "لا بد أن
يكون المرء غير متزن العقل
[عدل] التأسيس وأبرز الشخصيات
بدأت الرومانسية في فرنسا عندما قدّم باحث فرنسي عام 1776م ترجمة لمسرحيات
ش**بير إلى الفرنسية، واستخدم الرومانسية كمصطلح في النقد الأدبي.
ويعد الناقد الألماني فريدريك شليجل أول من وضع الرومانسية كمصطلح نقيض للكلاسيكية.
ثم تبلورت الرومانسية كمذهب أدبي، وبدأ الناس يدركون معناها الحقيقي التجديدي وثورتها ضد الكلاسيكية.
[عدل] الرومانسية في أوروبا
[عدل] بريطانيا
وترجع الرومانسية الإنكليزية إلى عام 1711م ولكن على شكل فلسفة فكرية، ونضجت الرومانسية الإنكليزية على يد توماس جراي وويليام بليك.
[عدل] فرنسا
لا شك أن الثورة الفرنسية 1798م هي أحد العوامل الكبرى التي كانت باعثاً
ونتيجة في آن واحد للفكر الرومانسي المتحرر والمتمرد على أوضاع كثيرة،
أهمها الكنيسة وسطوتها والواقع الفرنسي وما فيه.
[عدل] إيطاليا
في إيطاليا ارتبط الأدب بالسياسة عام 1815م وأصبح اصطلاح رومانسي في الأدب يعني ليبراليا (أي: حراً أو حرية) في السياسة.
[عدل] أبرز الرومانسيين في التاريخ
ومن أبرز المفكرين والأدباء الذين اعتنقوا الرومانسية: - المفكر والأديب
الفرنسي جان جاك روسو 1712 – 1788م ويعد رائد الرومانسية الحديثة.
- الكاتب الفرنسي شاتو بريان 1768 – 1848م ويعد من رواد المذهب الذين ثاروا على الأدب اليوناني القائم على تعدد الآلهة.
- مجموعة من الشعراء الإنكليز، امتازوا بالعاطفة الجياشة والذاتية والغموض
رغم أنهم تغنوا بجمال الطبيعة وهم : توماس جراي 1716 – 1771م ووليم بليك
1757 – 1927م وشيلي 1762 – 1822م كيتش 1795 – 1821م وبايرون 1788 – 1824م.
-الشاعر الألماني جوته 1749 – 1832م مؤلف روايني آلام فرتر عام 1782م، وفاوست التي تظهر الصراع بين الإنسان والشيطان.
- الشاعر الألماني شيلر 1759 – 1805م ويعد أيضاً من رواد المذهب.
- الشاعر الفرنسي بودلير 1821 – 1867م الذي اتخذ المذهب الرومانسي في عصره شكل الإلحاد بالدين.
[عدل] الأفكار والمعتقدات
كانت الرومانسية ثورة ضد الكلاسيكية، وهذا ما نراه واضحاً من خلال أفكارها
ومبادئها وأساليبها التي قد لا تكون واحدة عند جميع الرومانسيين، ويمكن
إجمال هذه الأفكار والمباديء فيما يلي:
- الذاتية أو الفردية: وتعد من أهم مبادىء الرومانسية ، وتتضمن الذاتية
عواطف الحزن والكآبة والأمل، وأحياناً الثورة على المجتمع. فضلاً عن
التحرر من قيود العقل والواقعية والتحليق في رحاب الخيال والصور والأحلام.
- التركيز على التلقائية والعفوية في التعبير الأدبي، لذلك لا تهتم الرومانسية بالأسلوب المتأنق، والألفاظ اللغوية القوية الجزلة.
- تنزع بشدة إلى الثورة وتتعلق بالمطلق واللامحدود.
- الحرية الفردية أمر مقدس لدى الرومانسية، لذلك نجد من الرومانسيين من هو
شديد التدين مثل: شاتوبريان ونجد منهم شديد الإلحاد مثل شيلي. ولكن معظمهم
يتعالى على الأديان والمعتقدات والشرائع التي تُعد بالنسبة لهم قيوداً.
- الاهتمام بالطبيعة، والدعوة بالرجوع إليها حيث فيها الصفاء والفطرة السليمة، وإليها دعا روسو.
- فصل الأدب عن الأخلاق، فليس من الضروري أن يكون الأديب الفذ، فذّ الخُلق. ولا أن يكون الأدب الرائع خاضعاً للقوانين الخُلُقية.
- الإبداع والابتكار القائمان على إظهار أسرار الحياة من صميم عمل الأديب،
وذلك خلافاً لما ذهب إليه أرسطو من أن عمل الأديب محاكاة الحياة وتصويرها.
- الاهتمام بالمسرح لأنه هو الذي يطلق الأخيلة المثيرة التي تؤدي إلى جيَشان العاطفة وهيجانها.
- الاهتمام بالآداب الشعبية والقومية، والاهتمام باللون المحلي الذي يطبع الأديب بطابعه، وخاصة في الأعمال القصصية والمسرحية.
[عدل] الجذور الفكرية العقائدية
تعد الرومانسية ثورة ضد الكلاسيكية المتشددة في قواعدها العقلية والأدبية، وكذلك ثورة ضد العقائد اليونانية المبنية على تعدد الآلهة.
ومن جذور هذه الثورة ظهور التيارات الفلسفية التي تدعو إلى التحرر من
القيود العقلية والدينية والاجتماعية. فضلاً عن اضطراب الأحوال السياسية
في أوروبا بعد الثورة الفرنسية الداعية إلى الحرية والمساواة وما يتبع ذلك
من صراع على المستعمرات، وحروب داخلية.كل هذه الأمور تركت الإنسان
الأوروبي قلِقاً حزيناً متشائماً، فانتشر فيه مرض العصر، وهو الإحساس
بالكآبة والإحباط ومحاولة الهروب من الواقع، وكان من نتيجة ذلك ظهور
اتجاهات متعددة في الرومانسية، إذ توغلت في العقيدة والأخلاق والفلسفة
والتاريخ والفنون الجميلة.
دخلت الرومانسية في الفلسفة وتجلت في نظرية الإنسان الأعلى (السوبرمان)
عند نيتشة 1844 – 1900م ونظرية الوثبة الحيوية عند برغسون 1859 – 1941م.
[عدل] الرومانسية الجديدة
انحسرت الرومانسية في مطلع القرن العشرين عندما أعلن النقاد الفرنسيون
هجومهم عليها – وذلك لأنها تسلب الإنسان عقله ومنطقه – وهاجموا روسو الذي
نادى بالعودة إلى الطبيعة. وقالوا: لا خير في عاطفة وخيال لا يحكمهما
العقل المفكر والذكاء الإنساني والحكمة الواعية والإرادة المدركة.
وكان من نتيجة ذلك نشوء الرومانسية الجديدة ودعوتها إلى الربط بين العاطفة
التلقائية والإرادة الواعية في وحدة فكرية وعاطفية، ومن ثم نشأت
الرومانسية الجديدة حاملة معها أكثر المعتقدات القديمة للرومانسية.
الانتشار ومواقع النفوذ:
● تعد فرنسا موطن المذهب الرومانسي، ومنها انتقل إلى ألمانيا ومنها إلى إنكلترا وإيطاليا.
ويتضح مما سبق:
أن الرومانسية أو الرومانتيكية مذهب أدبي يقول أنصاره أنه يهدف إلى سبر
أغوار النفس البشرية واستظهار ما تزخر به من عواطف ومشاعر وأحاسيس وأخيلة،
للتعبير من خلال الذاتية عن عواطف الحزن والأسى والكآبة والألم والأمل،
ومن خلال العفوية الخالية من تأنق الأسلوب وجزالة اللفظ ودقة التراكيب
اللغوية، مع الاهتمام بالطبيعة وضرورة الرجوع إليها، وفصل الأخلاق عن
الأدب، والاهتمام بالآداب الشعبية.
وقد اعتنق كثير من الحداثيين الرومانسية بل عدها بعضهم أحد اتجاهات الحداثة.
[عدل] الرومانسية في الإسلام
ومن وجهة النظر الإسلامية فإن أي تيار أدبي لا بد أن يكون ملتزماً بالدين
والأخلاق كجزء من العقيدة، وإذا كانت ملازمة الحزن والتعبير عنه لها
سلبيات كثيرة، فإن الإسلام يتطلب من معتنقيه مواجهة الظروف التي يتعرضون
لها بشجاعة والتسليم بقضاء الله وتلمس الأسباب للخروج من الأزمات دون يأس
أو إحباط، وكل إنسان مسئول عن تصرفاته ومحاسب عليها بين يدي الله، طالما
كان يملك أهلية التصرف، أما المكره فهو معذور وتسقط عنه الأوزار فيما
يرتكبه قسراً، ولكنه لا يعذر في التعبير الحر عما ينافي العقيدة ويتعارض
معها.
[/size]